سيمفونية الضوء

… LightSymphony … فراس ابوالسعود …

دعوة للابداع

يتسائل البعض لماذا يبدع فلان بينما يكون الإخفاق رفيق دائم لفلان الآخرونسمع أحيانا عن أباء يتحدثون عن أبناءهم وفشلهم لأن يكونوا شعراء أو رسامين مثلا خصوصا إذا كان الأبناء الاخرون مبدعين في مجال الأدب أو الرسم أو إذا كان الأب أديبا أو رساما ويتسائلون –باستغراب شديد – عن الأسباب وراء هذا الفشل. لنجيب على هذه التساؤلات يجب علينا أن نعرف مفهوم الإبداع كبداية. الابداع هو “عمل ذهني يقوم به الفرد بإستخدام قدراته للوصول إلى أفكار جديدة أو إستعمالات غير مألوفة أو تفصيل خبرات محدودة إلى ملامح مفصلة ” (عاقل ,1975). واذا امعنا النظر في التعريف السابق للإبداع فسنجد أن الجزء الأهم فيه هو الوصول لأفكار جديدة وهذا يعني ان الأبداع الحقيقي يجب أن يكون في أمر غير مسبوق وهذا ما يميز المبدع الحقيقي عن غيره. وأيضا نجد ان التعريف يتطلب إستخدام المرء لقدراته أي مهاراته الخاصة وأخيرا يجب ان يكون ناتج العملية أفكارا جديدة أو إستعمالات غير مألوفة وكل ما سبق يؤكد لنا بان الإبداع لا يكون بالسير على خطى من هم حولنا بل يكون برسمنا لطريق خاص بنا وحدنا.

تعتمد المجالات التي يحاول الأكثرية التميز فيها في حياتنا العامة – في أغلب الاحيان – على تجارب من هم حولهم من الأهل والأصدقاء واذا حاولنا حصرها سنجدها تتركز في عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وعندما يفشل الفرد في اتقان إحداها يحكم على نفسه حكما نهائيا بالفشل –ويرفض الاسئناف- وبالطبع لهذا الأمر أثره السلبي نفسيا.  فكم من شخص يشعر أنه دون قرنائه لمجرد انه لا يستطيع لعب كرة القدم بمهارة او لانه لا يستطيع كتابة الشعر مثلا؟ ولو نظرنا لهذا الشخص فقد نجده مميزا في التصوير الفوتوغرافي او التصميم الرقمي أو في إلقاء المحاضرات او في الادارة او ربما يكون مبدعا في رياضة اخرى غير كرة القدم أي أن هذا الإخفاق – المزعوم- قد جاء نتيجة عدم مناسبة هذا المجال لهذا الشخص وليس العكس.

في بعض الدول الأوربية يعمد بعض أصحاب الدخل المحدود للتركيز على مهاراتهم الخاصة لجني بعض الأموال الإضافية التي تساعدهم في رفع مستوى معيشتهم دون الحاجة لطلب المساعدات من أي جهة ولو نظرنا لتلك المجالات سنجد أن أغلبها قد بني على أفكار قد تبدو عادية ولكن ونظرا لإهتمامهم بمهاراتهم ومحاولتهم تطويرها وتطويعها فقد أحالوها الى تميز لا ينكره اي من المتابعين لهم واصبح لهم جمهورهم الخاص؛ واذا استثنينا المجالات المعروفة من رياضة وتصوير وتصميم وغيرها سنجد من هم مبدعين في مجالات غير مالوفة وأحيانا غير مسبوقة فتجد مثلا من هو مبدع في كتابة الأسماء عن طريق لف الأسلاك ببعضها أو من يصنع رسومات مميزة عن طريق توزيع الرمل الملون في طبقات او من يرسم الحضور بشكل كاريكاتوري أو من يقوم بإستعراضات خفة اليد والأمثلة عديدة ومتنوعة وما يربطها هو أمر واحد هو الأبداع.

ربما تتسائل عزيزي القارئ عن كيفية إكتشاف المجال الذي قد تتميز فيه وهذا أمر سهل ولا أحد غيرك يستطيع أن يكتشفه.فكل ما عليك أن تفعله هو التمعن في أمورك اليومية ومحاولة إكتشاف الأشياء التي يسعدك أن تقوم بها وتلك الأشياء التي تتعلم ما يتعلق بها بسهولة وبمتعة وأيضا تلك الأمور التي لا تشعر بمضي الوقت وأنت تفعلها وستجد نفسك قد وصلت لتلك البذرة وكل ما عليك هو أن تحاول تطوير نفسك في هذا المجال وسترى كم هو سهل أن تصل لمرحلة الإبداع.

بداخل كل منا بذرة إبداع وعندما يكتشفها صاحبها ويرعاها فإنها تكبر لتصبح شجرة مثمرة نتاجها التميز وهذه دعوة للجميع للإبحار في إهتماماتهم و تجاربهم الخاصة وأنا على ثقة تامة بأن كل واحد منا سيجد طريقه للإبداع في مجال ربما يكون غير مسبوق وهذا سيجعله متميزا أكثر من غيره وثقوا تماما بأن بداخل كل منا مبدع صغير علينا الأخذ بيده حتى يكبر.

فراس ابوالسعود

الظهران

تم نشره في القافلة عدد الثلاثاء 8 محرم 1432- 2010-12-14

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll Up